عدد السجناء في غوانتانامو 2025

عدد السجناء في خليج غوانتانامو اليوم: واقع وتطورات مستمرة

خليج غوانتانامو، الذي يشتهر عالميًا بسجن غوانتانامو العسكري الأمريكي، يمثل واحدًا من أكثر الأماكن إثارة للجدل في العالم، لا سيما في ما يتعلق بحقوق الإنسان والقانون الدولي. تأسس هذا السجن العسكري في عام 2002 على الأراضي الأمريكية المحتلة في كوبا، وأُنشئ بهدف احتجاز معتقلي “الحرب على الإرهاب” بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. على مر العقود الماضية، شهد عدد السجناء في غوانتانامو تقلبات كبيرة، تراوحت بين مئات المعتقلين في ذروتها إلى أقل من خمسين سجينًا في السنوات الأخيرة. في هذا المقال نستعرض تفصيليًا عدد السجناء في خليج غوانتانامو اليوم، مع تحليل تطورات الوضع السياسي والقانوني المؤثر على أعداد المعتقلين.

خلفية تاريخية مختصرة للسجن وأعداد السجناء

منذ افتتاحه عام 2002، استقبل سجن غوانتانامو أكثر من 780 معتقلًا من جنسيات مختلفة، تم احتجازهم دون إجراءات قانونية تقليدية، وغالبًا بدون توجيه تهم رسمية واضحة. أُعيدت بعض الحالات إلى بلادها أو تم الإفراج عنهم بعد سنوات طويلة، في حين بقي عدد منهم في السجن بدون محاكمة، وهو ما أثار موجات نقد دولية ومحلية كبيرة.

في ذروة استخدام هذا السجن، بلغ عدد السجناء فيه نحو 680 معتقلًا، لكن الولايات المتحدة بدأت في التراجع عن سياسة الاحتجاز الجماعي، خاصة بعد الضغوطات الدولية والقانونية، ما أدى إلى انخفاض تدريجي في عدد السجناء.

عدد السجناء الحالي في خليج غوانتانامو

بحسب التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) وآخر التحديثات التي أُعلنت في عام 2025، فإن عدد السجناء المحتجزين في غوانتانامو قد انخفض إلى 37 معتقلًا فقط. هذا العدد يمثل أدنى مستوى منذ تأسيس السجن. كما يشير إلى استمرار الجهود الأمريكية المتقطعة لتقليص عدد المعتقلين، سواء عبر الإفراج عن البعض، أو نقلهم إلى بلدان أخرى، أو بدء محاكمات عسكرية في بعض الحالات.

هذا العدد من السجناء الحاليين يتوزع بين معتقلين يُعتبرون “عالي الخطورة” والذين لا تزال الحكومة الأمريكية ترى فيهم تهديدًا أمنيًا، وبين آخرين ينتظرون محاكمات عسكرية أو إعادة تأهيل لإطلاق سراحهم. تجدر الإشارة إلى أن أغلب المعتقلين المتبقين هم من جنسيات أفغانية أو من دول الشرق الأوسط، ويُحتجز معظمهم في ظروف اعتُبرت من قبل منظمات حقوق الإنسان بأنها تنتهك حقوقهم الأساسية.

العوامل المؤثرة في تقليل عدد السجناء

الجهود السياسية والقانونية التي شجعت على تقليل أعداد معتقلي غوانتانامو يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1. الضغوط الدولية وحقوق الإنسان: طوال السنوات الماضية، تعرضت الولايات المتحدة لانتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، بسبب ممارسات الاحتجاز في غوانتانامو، خاصة بغياب المحاكمات العادلة، والتعذيب، واحتجاز الأشخاص لفترات طويلة دون تهم.

2. تغييرات في السياسة الأمريكية: شهدت فترة حكم الرئيس باراك أوباما محاولة جدية لإغلاق السجن، حيث كان هدفه الحد من عدد المعتقلين إلى أقل ما يمكن ثم إغلاق المنشأة بالكامل، إلا أن هذه الجهود اصطدمت بمعارضة سياسية داخلية. مع تغير الإدارات، استمر عدد المعتقلين في الانخفاض لكن إغلاق السجن لم يحدث.

3. الإفراجات والنقل الدولي: تم الاتفاق مع عدد من الدول على استقبال معتقلين أفادوا في إعادة تأهيلهم أو الذين تم تبرئتهم، وهذا ساهم في خفض العدد المتواجد في غوانتانامو. وفي بعض الحالات، تُنقل بعض المعتقلين إلى بلدانهم أو دول ثالثة تحت شروط مراقبة معينة.

4. المحاكمات العسكرية: بعض المعتقلين يخضعون لمحاكمات عسكرية، وهو ما يؤخر الإفراج عنهم، لكنه يسمح بوجود إطار قانوني أكثر وضوحًا لتحديد مصيرهم.

الأوضاع الراهنة في السجن

على الرغم من الانخفاض الكبير في عدد السجناء، لا تزال قضية غوانتانامو تمثل قضية حساسة على الصعيدين السياسي والإنساني. يستمر السجن في العمل وفقًا لإجراءات عسكرية مشددة، مع فرض قيود صارمة على التواصل مع العالم الخارجي، ما يؤثر على ظروف الاعتقال. تقارير حقوقية مستمرة ترصد انتهاكات تتعلق بالعزل الانفرادي، وصعوبة وصول المعتقلين إلى الدعم القانوني، وحالات احتجاز لأعوام طويلة دون محاكمة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حالة من الجدل القانوني المستمر حول مدى شرعية هذه الاعتقالات في ظل القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان. المحكمة العليا الأمريكية ومحاكم أخرى ناقشت هذه القضايا عبر السنوات، مع إبراز تباينات في التفسير القانوني لمسائل الحريات الفردية في سياق مكافحة الإرهاب.

مستقبل السجن وعدد السجناء

الآفاق المستقبلية لمعتقلي غوانتانامو تعتمد بشكل كبير على التطورات السياسية والإدارية في الولايات المتحدة. على الرغم من تعهدات متكررة من بعض الرؤساء بمحاولة إغلاق السجن، إلا أن الواقع يشير إلى تعقيدات كبيرة، أبرزها:

• مقاومة سياسية من بعض الجهات في الكونغرس الأمريكي التي ترفض إغلاق السجن خوفًا من عودة الإرهابيين المحتملين أو ما يرونه تهديدًا للأمن القومي.

• تحديات لوجستية وقانونية في التعامل مع المعتقلين، خصوصًا أولئك الذين لا يمكن ترحيلهم بسبب مخاوف من تعرضهم للاضطهاد في بلدانهم.

• تأثيرات التغيرات في السياسة العالمية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والتي تؤثر على تحديد من يُعتبر خطرًا أمنيًا يستوجب الاحتجاز.

جدول يوضح تطور عدد السجناء في خليج غوانتانامو منذ 2002 وحتى اليوم

خلاصة

يظل سجن خليج غوانتانامو واحدًا من أكثر رموز النزاعات بين الأمن وحقوق الإنسان في العصر الحديث. العدد الحالي للسجناء، الذي يبلغ حوالي 37 معتقلًا، يعكس التغيرات الكبيرة التي طرأت على السياسات الأمريكية تجاه السجن، رغم أن الأثر الإنساني والقانوني لهذه المؤسسة ما زال موضع جدل واسع. استمرار وجود هذا السجن يشكل تحديًا مستمرًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان، كما أنه يعكس الأبعاد المعقدة للحرب على الإرهاب التي لم تنتهِ بعد.

المراجع:

• تقرير وزارة الدفاع الأمريكية حول غوانتانامو 2025

• منظمة العفو الدولية: تقارير حقوق الإنسان بشأن غوانتانامو